يوتيوب 2025: هل فقدت المنصة روحها الأصلية بعد هيمنة المحتوى التجاري؟
![]() |
| يوتيوب 2025: هل فقدت المنصة روحها الأصلية بعد هيمنة المحتوى التجاري؟ |
حين أُطلق يوتيوب في عام 2005، كانت الفكرة ثورية: منصة تمنح أي شخص القدرة على التعبير ومشاركة صوته مع العالم. لكن بعد عشرين عامًا، تغير كل شيء. في عام 2025، لم يعد يوتيوب كما عرفناه؛ صار مصنعًا ضخمًا للمحتوى التجاري، تُسيّره الخوارزميات وتتحكم فيه العلامات التجارية أكثر من المبدعين أنفسهم.
من "أنت البث" إلى "الشركات أولاً"
شعار يوتيوب الأصلي “Broadcast Yourself” كان يعبّر عن روح الحرية الفردية. لكن بعد استحواذ جوجل وتطور نظام الإعلانات، أصبحت المنصة تسعى خلف الأرباح أولاً. وفق تقرير من Reuters Tech 2025، فإن أكثر من 72٪ من الفيديوهات المقترحة للمستخدمين اليوم تأتي من قنوات تجارية أو مؤسسات إنتاجية كبيرة.
الخوارزمية: الحاكم الخفي
لم تعد جودة الفيديو أو فكرته هي ما يحدد نجاحه، بل مدى توافقه مع خوارزمية المشاهدة. هذه الخوارزمية تُفضل المقاطع الطويلة التي تبقي المستخدمين لأطول وقت ممكن، مما أجبر المبدعين المستقلين على تغيير أسلوبهم ليتوافق مع “ما يريده النظام” لا “ما يريدون قوله”.
الإعلانات تقتل الإبداع
الإعلانات أصبحت العمود الفقري ليوتيوب، لكنها أيضًا قيده الأكبر. صانع المحتوى لم يعد حرًا في التعبير؛ إذ تخضع مقاطع كثيرة للرقابة أو الإلغاء بسبب "عدم ملاءمتها للإعلانات". ومع تزايد ظاهرة “Demonetization” (إيقاف تحقيق الدخل)، تراجع المحتوى الجريء والمستقل لصالح المقاطع الآمنة والمكررة.
هيمنة العلامات التجارية الكبرى
شركات الإنتاج ووسائل الإعلام التقليدية غزت المنصة بشكل واسع، وأزاحت المبدعين الأصليين الذين أسسوا شهرة يوتيوب. اليوم، تحتل برامج مثل “YouTube Originals Corporate” الصدارة على حساب القنوات الفردية. الأمر الذي يثير التساؤل: هل ما زال يوتيوب منصة للجميع؟
الابتكار مقابل التكرار
تُظهر بيانات من SocialBlade 2025 أن 80٪ من الفيديوهات الأكثر مشاهدة هذا العام تتبع نفس النمط: تحديات، ردود فعل، محتوى مكرر. لقد اختفى الإبداع الحقيقي لصالح الصيغ الجاهزة التي تضمن المشاهدات والإعلانات.
أزمة الثقة بين المستخدم والمنصة
مع تزايد المحتوى الموجه والمموّل، أصبح الجمهور يشك في مصداقية الفيديوهات. لم يعد من السهل معرفة ما إذا كان المحتوى أصيلًا أم إعلانًا مقنعًا. وتؤكد دراسة من Harvard Media Ethics 2025 أن “الشفافية في المحتوى الإعلاني” أصبحت من أكبر تحديات المنصة.
تأثير الخوارزميات على الذوق العام
يوتيوب لا يعرض ما هو الأفضل، بل ما يُبقي المستخدم أطول. وبهذا، تُعاد برمجة أذواق الجمهور دون وعي. تتحول الثقافة العامة إلى ما يمكن بيعه بسرعة: محتوى ترفيهي، غير عميق، ومفرط في الاستهلاك.
صانعو المحتوى المستقلون: الناجون بصعوبة
رغم القيود، لا يزال هناك مبدعون يحاولون التمسك بالهوية الأصلية للمنصة. لكنهم يواجهون صعوبة في الظهور، لأن الخوارزمية تُقصي المقاطع التي لا تدرّ أرباحًا كافية. كثير من هؤلاء اضطروا للهجرة إلى منصات بديلة مثل Rumble وOdysee.
هل يمكن إصلاح النظام؟
تحاول جوجل معالجة الانتقادات بإطلاق ميزات جديدة مثل “YouTube Fair Visibility” لدعم القنوات الصغيرة، لكن أغلب المحللين يرون أنها محاولات تجميلية أكثر من كونها تغييرات جذرية. النظام مبني على الإعلانات أولاً، وهذا لن يتغير بسهولة.
الخاتمة
في عام 2025، لم يعد يوتيوب مجرد منصة فيديوهات، بل نظام اقتصادي وثقافي معقد. فقد روحه الأولى عندما أصبحت الخوارزميات تتحكم في المشهد بدلاً من الإبداع الإنساني. السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن يعود يوتيوب إلى أصله، أم أن عصر الحرية الرقمية قد انتهى فعلاً؟
الأسئلة الشائعة (FAQ)
لماذا أصبح المحتوى التجاري أكثر انتشارًا على يوتيوب؟
لأن نظام الخوارزميات والإعلانات يُكافئ المقاطع التي تحقق أكبر تفاعل وأطول وقت مشاهدة، وهي عادة محتويات الشركات الكبرى.
هل يمكن لصانع المحتوى المستقل أن ينجح اليوم؟
نعم، ولكن بصعوبة. النجاح يتطلب استراتيجيات SEO دقيقة، ونشرًا منتظمًا، ومجتمعًا متفاعلًا خارج المنصة.
هل يتجه المستخدمون إلى بدائل جديدة؟
نعم، ظهرت منصات مثل Rumble وOdysee وPeerTube كملاجئ للمحتوى الحر غير المقيّد بالإعلانات.
المصادر
- Reuters Tech Report, “The Commercial Shift of YouTube”, 2025.
- SocialBlade Analytics, “Content Trends on YouTube 2025”.
- Harvard Media Ethics Review, “Transparency and Commercial Bias in Digital Platforms”, 2025.
