نتفليكس في أزمة الهوية: هل فقدت الجرأة لصالح الخوارزميات؟
![]() |
| نتفليكس في أزمة الهوية: هل فقدت الجرأة لصالح الخوارزميات؟ |
منصة نتفليكس التي كانت يومًا رمزًا للابتكار في عالم الترفيه، تواجه اليوم أزمة هوية حقيقية في عام 2025. فبعد سنوات من السيطرة على صناعة البث الرقمي، بدأت الانتقادات تتزايد حول تحوّل المنصة من محرّك للإبداع إلى آلة ضخمة تحكمها الخوارزميات والمشاهدات السريعة.
من الجرأة إلى الحذر
في بداياتها، اشتهرت نتفليكس بإنتاج أعمال جريئة كسلسلة House of Cards وBlack Mirror، لكن السنوات الأخيرة شهدت تحوّلًا واضحًا في سياستها الإبداعية. حيث أصبحت الشركة تفضّل الأعمال “الآمنة” تجاريًا على تلك التي تتحدى الفكر أو تتناول قضايا حساسة.
تقرير Streaming Insights 2025 يشير إلى أن أكثر من 78٪ من إنتاج نتفليكس الأخير يعتمد على معادلات نجاح سابقة بدلاً من التجريب الفني.
الخوارزميات تتحكم في المحتوى
الخوارزميات في نتفليكس لا تكتفي بتوصية المشاهدين بما يشاهدونه، بل أصبحت تؤثر أيضًا في اختيار المشاريع التي تُنتج. إذ يتم تحليل بيانات المستخدمين لتحديد الأنواع الأكثر ربحًا — سواء كانت مسلسلات جريمة، دراما رومانسية، أو محتوى خفيف سريع الهضم.
النتيجة؟ أعمال متشابهة في الحبكة والإيقاع والأسلوب البصري، تُنتج بسرعة لتناسب طلب السوق، لا لتخدم الفن.
انهيار “العصر الذهبي” للمسلسلات الأصلية
كان شعار “Netflix Original” يعني يومًا الجودة والتميز. أما اليوم، فقد أصبح علامة تجارية باهتة. إذ تضاعف الإنتاج إلى درجة فقد فيها المشاهد الثقة بمعنى كلمة “أصلي”.
في مقابلة مع Variety Global 2025، صرح الناقد جيمس كولمان: “نتفليكس أصبحت كمنصة وجبات سريعة، تقدم كل شيء بسرعة وكمية، لكن الطعم نفسه لا يتغير.”
هيمنة الخوارزميات وتراجع الذوق
بينما كان من المفترض أن تساعد الخوارزميات في تخصيص التجربة، إلا أنها خلقت فقاعات ذوقية مغلقة. فالمستخدم يرى فقط ما يشبه ما شاهده سابقًا، مما يقلل التنوع الثقافي والفني.
بهذا الشكل، تصبح تجربة المشاهدة أشبه بمرآة تعكس ذوق المستخدم بدلًا من توسيعه، وهو ما يسميه الباحثون في Media Ethics Journal “الانعزال الثقافي الرقمي”.
سباق المحتوى وغياب الهوية
تنتج نتفليكس في المتوسط أكثر من 1200 عنوان جديد سنويًا، في سباق واضح مع ديزني بلس، أمازون برايم، وهولو. لكن الكمّ المفرط جعل من الصعب التركيز على الجودة. والأخطر أن هوية المنصة نفسها أصبحت ضبابية؛ هل هي ترفيهية؟ فكرية؟ تجريبية؟ أم تجارية بحتة؟
المنافسة تفرض التنازلات
تحت ضغط المنافسة، بدأت نتفليكس تُراهن على الأمان. تتجنب القضايا الجدلية، وتفضّل الأعمال التي تضمن تفاعلًا سريعًا في الأسواق العالمية، خصوصًا في آسيا وأمريكا اللاتينية. هذا الاتجاه أضعف مكانتها كمؤسسة فنون رقمية، وحوّلها إلى تاجر محتوى.
الذكاء الاصطناعي في صناعة القرار
في عام 2025، أعلنت نتفليكس عن نظام داخلي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقييم السيناريوهات قبل الموافقة على الإنتاج. هذا النظام يُحلل النصوص بناءً على معايير مثل احتمالية النجاح الجماهيري، التفاعل العاطفي، ومدى “قابلية الانتشار”.
لكن هذا التوجه أثار انتقادات واسعة من صناع السينما الذين وصفوه بأنه “إلغاء للعامل الإنساني في الفن”.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل فعلاً تستخدم نتفليكس الذكاء الاصطناعي لاختيار الأعمال؟
نعم، عبر نظام داخلي لتحليل السيناريوهات وتقدير احتمالية النجاح بناءً على بيانات المشاهدين.
لماذا انخفضت جودة المحتوى في نتفليكس؟
بسبب التركيز على الكمّ بدلاً من الجودة، واعتماد الخوارزميات على البيانات التجارية بدلاً من الرؤية الفنية.
هل لا تزال نتفليكس رائدة في سوق البث؟
نعم، لكنها تواجه منافسة شديدة من ديزني بلس وأمازون برايم، مما يهدد مكانتها الريادية.
الخاتمة
في سعيها وراء الأرباح والمشاهدات، فقدت نتفليكس جزءًا من روحها الفنية التي جعلتها مميزة. فالخوارزميات التي كان يُفترض أن تخدم الإبداع، أصبحت اليوم تحكمه. والسؤال المطروح هو: هل يمكن لمنصة تحكمها البيانات أن تخلق فنًا حقيقيًا؟
المصادر
- Streaming Insights Report, “Algorithmic Influence on Content”, 2025.
- Variety Global, Interview with James Coleman, 2025.
- Media Ethics Journal, “Cultural Isolation in Streaming Services”, 2025.
- TechCrunch Media Report, “AI and the Future of Script Evaluation”, 2025.
- Statista, “Netflix Original Content Trends”, 2025.
