سناب شات والجيل الضائع: هل أصبح الإدمان على الفلاتر مرضًا نفسيًا جديدًا؟
![]() |
| سناب شات والجيل الضائع: هل أصبح الإدمان على الفلاتر مرضًا نفسيًا جديدًا؟ |
حين أُطلق سناب شات عام 2011، كان الهدف بسيطًا: مشاركة اللحظات اليومية بشكل مؤقت وطبيعي. لكن مع مرور الوقت، تحوّل التطبيق إلى مختبر تجريبي لتقنيات تجميل الوجه الاصطناعية، وبدأت الفلاتر تُعيد تشكيل مفهوم الجمال، بل وحتى الهوية الشخصية نفسها. في عام 2025، لم يعد سناب شات مجرد تطبيق للصور، بل صار – وفقًا لكثير من الخبراء – بوابة لإدمان نفسي جديد.
الفلاتر: من المرح إلى الإدمان
في بداياته، قدّم سناب شات فكرة مبتكرة عبر الصور التي تختفي بعد 24 ساعة. لكن اليوم، تشير تقارير من Digital Wellbeing Institute إلى أن 74٪ من المستخدمين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و24 عامًا لا يلتقطون صورًا بدون فلتر. هذه النسبة تكشف عن تحوّل الفلاتر من وسيلة تسلية إلى حاجة نفسية.
كيف تغيّر إدراك الذات؟
الفلاتر في سناب شات لا تُحسّن الإضاءة فقط، بل تغيّر ملامح الوجه لتبدو أقرب إلى "الكمال الرقمي": بشرة خالية من العيوب، عيون أكبر، أنف أنحف، وابتسامة مثالية. وفق دراسة من Harvard Mental Health Review عام 2025، أصبح ما يُعرف بـ “Snapchat Dysmorphia” – أي اضطراب تشوّه صورة الجسد بسبب الفلاتر – من أكثر الحالات شيوعًا بين المراهقين.
إدمان القبول اللحظي
نظام “السنابات” اليومية و“الستريك” (سلسلة الإرسال المتواصل) خلق سلوكًا يشبه الإدمان العصبي. الدماغ يربط عدد المشاهدات والردود بشعور المكافأة عبر الدوبامين. هذه الدورات العصبية المستمرة تجعل المستخدمين يشعرون بالقلق إذا لم يتلقوا تفاعلًا كافيًا. إنّها حلقة لا تنتهي من “القبول المشروط”.
ثقافة المظهر مقابل الجوهر
مع ازدهار سناب شات، تحوّل التواصل إلى عرض يومي للذات. كل شيء يُصوَّر ويُنشَر: الطعام، المزاج، المظهر، وحتى الحزن. لكن خلف هذه الواجهة النشطة، يعيش كثيرون شعورًا بالعزلة والفراغ. فكلما زادت الابتسامات أمام الكاميرا، زادت احتمالات الإحباط بعد الإغلاق.
الجيل الجديد والهوية المموّهة
سناب شات أصبح اليوم بمثابة “غرفة مرآة رقمية” حيث يرى المستخدمون أنفسهم كما يريدهم التطبيق أن يكونوا، لا كما هم فعلاً. هذا التشوّه المتكرر في الصورة الذاتية يولّد مع الوقت انفصالًا نفسيًا بين الذات الحقيقية والذات الرقمية.
أضرار نفسية مؤكدة
دراسة من World Psychiatry Association نُشرت في فبراير 2025، وجدت أن المستخدمين الذين يعتمدون على فلاتر الوجه بشكل دائم لديهم احتمالية أعلى بنسبة 42٪ للإصابة بالقلق الاجتماعي، و26٪ للاكتئاب المزمن. السبب؟ عدم الرضا عن المظهر الواقعي بعد رؤية “النسخة المثالية” يوميًا.
هل يتحمّل التطبيق المسؤولية؟
رغم أن سناب شات أضاف تنبيهات “استراحة من الشاشة” وخصائص لتحفيز الاستخدام الصحي، إلا أن بنيته القائمة على “الزمن الفوري” تجعل الانفصال عنه صعبًا للغاية. فالإدمان لا يصنعه المحتوى، بل الآلية العصبية التي تعتمد على المفاجأة والفضول اللحظي.
منصة أم مرآة مشوّهة؟
قد يرى البعض أن سناب شات يعبّر عن الحرية الرقمية، لكن الحقيقة أنه صاغ جيلًا يرى ذاته من خلال عدسة مُعدّلة باستمرار. أصبح الوجه الحقيقي غريبًا، والصورة المفلترة “طبيعية”. إنه تلاعب هادئ في الوعي، لكنه أخطر مما يبدو.
الخاتمة
سناب شات لم يعد مجرد تطبيق اجتماعي؛ بل تجربة نفسية تترك بصمتها العميقة على الجيل الجديد. بين الوهم والواقع، يعيش الشباب اليوم صراعًا يوميًا مع صورهم الرقمية. والسؤال الأخطر: ماذا سيحدث حين لا نعود قادرين على التعرف إلى وجوهنا الحقيقية؟
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل الإدمان على الفلاتر يُعتبر اضطرابًا نفسيًا حقيقيًا؟
نعم، يُعرف هذا الاضطراب طبيًا باسم "Snapchat Dysmorphia"، ويُصنف ضمن اضطرابات صورة الجسد.
هل يمكن استخدام سناب شات بشكل صحي؟
يمكن ذلك عبر تقليل استخدام الفلاتر، تحديد وقت يومي للاستخدام، وتجنب المقارنة مع الآخرين.
هل الفلاتر تضر الأطفال والمراهقين؟
نعم، لأنهم في مرحلة بناء الهوية الذاتية، والفلاتر تُشوّه إحساسهم بالواقع والمظهر الطبيعي.
المصادر
- Harvard Mental Health Review, “Snapchat Dysmorphia: A Growing Concern”, February 2025.
- World Psychiatry Association Report, “Filter Addiction and Adolescent Self-Perception”, 2025.
- Digital Wellbeing Institute, “Youth and the Rise of Visual Perfectionism”, 2025.
