سبوتيفاي: هل الموسيقى ما زالت فنًا أم أصبحت خوارزمية تجارية؟
![]() |
| سبوتيفاي: هل الموسيقى ما زالت فنًا أم أصبحت خوارزمية تجارية؟ |
منذ تأسيسه عام 2008، نجح سبوتيفاي في تغيير طريقة استماع الناس إلى الموسيقى. لكن في عام 2025، بدأ الجدل يتصاعد حول حقيقة ما يقدمه التطبيق: هل هو مساحة فنية حرة، أم مجرد منصة تتحكم فيها الخوارزميات التجارية؟
منصة موسيقية أم آلة بيانات؟
مع أكثر من 600 مليون مستخدم نشط، أصبح سبوتيفاي أكبر مشغل موسيقى في العالم. لكنه لم يعد يعتمد فقط على الفنانين، بل على الخوارزميات التي تحدد ما يسمعه الناس. فالقوائم الموصى بها مثل Discover Weekly وDaily Mix لم تعد مجرد أدوات ذكية، بل أدوات توجيه ذوقي تسعى إلى إبقاء المستخدم أطول فترة ممكنة على التطبيق.
الخوارزميات تقتل التنوع الفني
وفقًا لتقرير Music Data Research 2025، فإن 70٪ من المستخدمين لا يغادرون القوائم المقترحة لهم. هذا يعني أن عددًا قليلاً جدًا من الفنانين الجدد يحصلون على فرصة للظهور، ما يجعل الذوق الموسيقي العالمي مكررًا وموجّهًا نحو النمط السائد.
بهذا الشكل، يتحول الفن إلى منتج رقمي تُحدده البيانات بدلاً من الإبداع البشري.
الفنانون بين الشهرة والظلم الخوارزمي
يعتمد سبوتيفاي في ترتيبه على نظام معقد يقيم الأغاني بناءً على نسبة الاستماع، ومدى تفاعل المستخدمين معها. المشكلة أن هذه الخوارزميات تميل إلى المكاسب التجارية، مما يجعل الفنانين المستقلين يعانون من ضعف الانتشار رغم جودة أعمالهم.
صرح الفنان السويدي أوسكار ليند في مقابلة مع SoundTech Journal: "أصبحت الموسيقى اليوم سباقًا ضد الخوارزميات، لا ضد الإبداع".
الإعلانات والمحتوى المدفوع
بينما توفر سبوتيفاي خيارًا مجانيًا للمستخدمين، إلا أنه مليء بالإعلانات. ومع ازدياد عدد الشركات الراعية، أصبحت قوائم التشغيل أحيانًا تُبنى وفق مصالح تجارية، وليس بناءً على تفضيلات المستخدمين. تقارير Financial Insight 2025 أكدت أن بعض قوائم “الاسترخاء” و“التركيز” تُموّل جزئيًا من علامات تجارية كبرى.
الذكاء الاصطناعي وتأليف الموسيقى
في 2025، أطلق سبوتيفاي مشروعًا لتجربة موسيقى مولدة بالذكاء الاصطناعي. رغم الجاذبية التقنية، إلا أن هذا الاتجاه أثار مخاوف حول موت الإبداع الإنساني. فهل يمكن اعتبار موسيقى صنعها خوارزم ذوقًا فنيًا؟ أم أنها مجرد ضوضاء محسوبة؟
التحكم النفسي بالمستمع
أظهرت دراسة من Behavioral Sound Institute أن سبوتيفاي يستخدم أنماط الاستماع لتحليل الحالة المزاجية للمستخدم، واقتراح موسيقى تتوافق مع مشاعره. قد يبدو هذا مريحًا، لكنه يطرح سؤالًا أخلاقيًا: هل نحن نختار الموسيقى، أم أن التطبيق هو من يختار لنا ما نشعر به؟
سبوتيفاي والفن التجاري
أصبحت الأغاني تُنتج خصيصًا لتناسب الخوارزميات، بمدة زمنية أقل من ثلاث دقائق، وبدايات جذابة تُمسك انتباه المستمع خلال الثواني الأولى. هذا يعني أن الموسيقى تُفقد روحها لتتحول إلى منتج مصمم للتفاعل اللحظي.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل يسرق سبوتيفاي أرباح الفنانين؟
لا يسرقها مباشرة، لكنه يوزع الأرباح بشكل غير عادل؛ فالفنانين الكبار يحصلون على نصيب الأسد.
هل الخوارزميات تتحكم فعلاً في ما أسمعه؟
نعم، عبر تحليل سلوكك الموسيقي واقتراح ما يشبهه للحفاظ على تفاعلك المستمر.
هل الذكاء الاصطناعي سيقضي على الفنانين؟
لن يقضي تمامًا، لكنه سيقلل فرص الفنانين التقليديين أمام موسيقى مولدة آليًا بسرعة وبتكلفة أقل.
الخاتمة
سبوتيفاي هو تجسيد لعصرنا الرقمي: الراحة والذكاء من جهة، والهيمنة الخوارزمية من جهة أخرى. وبين الإبداع والإحصاء، تضيع روح الموسيقى الحقيقية. فالفن لا يمكن أن يُقاس بالبيانات، بل يُشعر به — وهذا ما نكاد نفقده في عام 2025.
المصادر
- Music Data Research, “Algorithmic Bias in Streaming Platforms”, 2025.
- SoundTech Journal, Interview with Oscar Lind, 2025.
- Financial Insight Report, “Spotify’s Commercial Influence”, 2025.
- Behavioral Sound Institute, “Emotional Data and Music Streaming”, 2025.
- Statista, “Spotify User Growth and Listening Trends”, 2025.
